كتاب: فتاوى الرملي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي



(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ الْمُحْرِمَةِ أَوْ الْمُعْتَدَّةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ نَحْوُهُ بِنِيَّةِ تَحْرِيمِ عَيْنِهَا أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ لِأَمَتِهِ وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ هَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً مَاذَا يَقَعُ عَلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ.
(سُئِلَ) عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ لَكِنَّهُ عَلِمَ وَفَعَلَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ جَاهِلًا هَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَقَعُ الطَّلَاقُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُقِيمُ فِي بَلَدٍ شَهْرًا وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ شَهْرًا مُفَرَّقًا هَلْ يَحْنَثُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا؟
(فَأَجَابَ) نَعَمْ يَحْنَثُ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ تَشَاجَرَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ فِي أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ قَدْ فَعَلَهُ فَأَطْبَقَ كَفَّهُ وَقَالَ: إنْ فَعَلْت هَذَا الْأَمْرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ مُخَاطِبًا يَدَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ كَمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت أَجْنَبِيَّةً اسْمُهَا ذَلِكَ بَلْ الضَّمِيرُ أَعْرَفُ مِنْ الِاسْمِ الْعَلَمِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنَّ زَوْجَتَهُ لَا تُطْعِمُ أَوْلَادَهَا لَبَنًا وَلَا شَيْئًا إلَّا أَنْ أَطْعَمَهُمْ بِيَدِهِ فَهَلْ إذَا أَطْعَمَهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً تَنْحَلُّ الْيَمِينُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْمَرَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تَطْبُخُ لَهُ يَوْمَ كَذَا، ثُمَّ إنَّ زَوْجَةَ أَخِيهِ وَضَعَتْ الْقِدْرَ وَأَوْقَدَتْ عَلَيْهِ إلَى أَنَّ اسْتَوَى وَغَرَفَتْ مَا فِيهِ زَوْجَتُهُ هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ.
(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ خَرَجَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَقَالَتْ: أَنَا لَا أَسْكُنُ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَقَالَ لَهَا: إنْ رُحْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَاسْتَمَرَّتْ رَائِحَةً، ثُمَّ أَنَّهُ أَدْرَكَهَا فَمَسَكَهَا وَوَضَعَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ أَوْ يُقَالُ: إنْ قَصَدَ بِيَمِينِهِ مَنْعَهَا مِنْ الذَّهَابِ إلَى مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَذْهَبْ إلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ عَلَيْهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ نَوَى بِلَفْظِهِ الثَّانِي الِاسْتِئْنَافَ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَتَانِ هَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ رَوَاحَهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي عَيَّنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ إنْ لَمْ تَرُحْ إلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ غَيْرَهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا فَاعْتَرَفَ بِهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي عِصْمَتِهِ وَأَنَّ اعْتِرَافَهُ الْمَذْكُورَ بَنَاهُ عَلَى ظَنِّ وُقُوعِ طَلَاقِهَا بِسَبَبِ أَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى عَدَمِ دَفْعِ مَبْلَغٍ لِشَخْصٍ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَقَدْ مَضَى بِلَا دَفْعٍ لِعَجْزِهِ عَنْهُ الْعَجْزَ الشَّرْعِيَّ فَهَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ فَتَسْتَمِرُّ فِي عِصْمَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ قَالَ: لِآخَرَ فِي عِمَامَتِي دِينَارُ ذَهَبٍ فَحَلَفَ الْآخَرُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ فَحَلَّهَا الْحَالِفُ فَأَخْرَجَ مِنْهَا دِينَارًا ذَهَبًا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّ الدِّينَارَ الذَّهَبَ كَانَ فِي تِلْكَ الْعَامَّةِ وَقْتَ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الْقَوْلُ الْمُضِيءُ فِي الْحِنْثِ فِي الْمُضِيِّ وَاسْتَشْهَدَ لِذَلِكَ بِمَوَاضِعَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهِمَا أَمْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقِ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ ظَانًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتِقَادًا لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَلَهُ أَحْوَالٌ أَحَدُهَا: أَنْ يَقْصِدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ يَظُنُّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ صَادِقٌ فِي أَنَّهُ ظَانٌّ ذَلِكَ أَوْ يَعْتَقِدُهُ.
ثَانِيهَا: أَنْ لَا يَقْصِدَ شَيْئًا فَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْأَظْهَرِ حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ حُكْمُ الْحَالِفِ إنَّمَا هُوَ إدْرَاكٌ أَنَّ النِّسْبَةَ وَاقِعَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِوَاقِعَةٍ بِحَسَبِ مَا فِي ظَنِّهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِخَبَرِ: «أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلِفِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي كَمَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْمَالِكِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَيْرُ الْمَذَاهِبِ وَحَلَفَ الْحَنَفِيُّ كَذَلِكَ وَالْحَنْبَلِيُّ كَذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ وَمِنْهَا مَا لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَمَا قَرَّرْته فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ هُوَ الْمَعْرُوفُ.
ثَالِثُهَا: أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ مَا يَقْصِدُ بِالتَّعْلِيقِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ فَيَحْنَثُ حِينَئِذٍ كَمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَ وُجُودِ صِفَتِهِ.
وَعَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا قَالَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَهَبٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فُلَانٌ وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الذَّهَبُ طَلُقَتْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت كَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَصَدَّقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إنْ كَانَا مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ الرَّافِضِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَعَ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، بَلْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ بِالطَّلَاقِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَسْقُطُ فَرْضُهُ، وَحَلَفَ حَنَفِيٌّ أَنَّهُ يَسْقُطُ وَقَعَ طَلَاقُ زَوْجَةِ الْحَنَفِيِّ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ كَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْحِنْثِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ كَالثَّالِثَةِ، أَخْذًا مِنْ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَابْنِ الصَّلَاحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ رَزِينٍ وَالْقَمُولِيِّ ضَعِيفٌ.
وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ كَالثَّانِيَةِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُوَلِ ضَعِيفٌ أَيْضًا.
(سُئِلَ) عَمَّنْ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَتْ عِنْدَهُ فَقِيلَ لَهُ: طَلَّقْت زَوْجَتَك فَقَالَ: أَتَيْت بِالْمَشِيئَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ وَأَسْمَعْت نَفْسِي فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ أَمْ يَقَعُ فِي الظَّاهِرِ وَيَدِينُ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ إنْ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَشِيئَةِ وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِهَا عَقِبَ حَلِفِهِ فَإِنْ كَذَّبَتْهُ زَوْجَتُهُ وَحَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ إتْيَانِهِ بِهَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَكَذَا إنْ قَالَتْ: الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ إذْ هُوَ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا يَدِينُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.
(سُئِلَ) عَمَّنْ عَلَّقَ تَعْلِيقًا صُورَتُهُ مَتَى غِبْت عَنْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ مُدَّةَ شَهْرٍ وَتَرَكْتهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُتْعَةٍ وَلَمْ أُرْسِلْ لَهَا شَيْئًا كَانَتْ طَالِقًا، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا وَأَرَادَتْ إثْبَاتَ الْغِيبَةِ وَالتَّرْكِ وَعَدَمِ الْإِرْسَالِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الْمَذْكُورَةِ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ فَكَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالتَّرْكِ وَعَدَمِ الْإِرْسَالِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهِيَ شَهَادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعْلَمَهَا إلَّا مَنْ صَحِبَ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ فَلَمْ يُفَارِقْهُ وَلَمْ يَغْفُلْ عَنْهُ لَحْظَةً وَاحِدَةً مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ إلَى انْتِهَاءِ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ أَرْسَلَ لَهَا شَيْئًا مَعَ وَكِيلِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ لَهَا إلَّا بِإِعْلَامِهِ؟
(فَأَجَابَ) قَدْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيهَا بِأَنَّ شَهَادَةَ الْبَيِّنَةِ لَا تُقْبَلُ فِي التَّرْكِ وَعَدَمِ الْإِرْسَالِ.
(سُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ غِبْت عَنْ زَوْجَتِي ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَتَرَكْتهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ شَرْعِيٍّ فَهِيَ طَالِقٌ، ثُمَّ غَابَ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ شَافِعِيٍّ وَادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ حَالَ غَيْبَتِهِ الْغَيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَأَنَّهُ غَابَ عَنْهَا الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِالتَّعْلِيقِ وَبِالْغَيْبَةِ فَقَطْ وَأَرَادَتْ الْحَلِفَ مَعَهَا عَلَى أَنَّهُ تَرَكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ لِيَحْكُمَ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَيْحُكُمْ بِهِ أَوْ لَابُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ وَبِتَقْدِيرِ شَهَادَتِهَا فَهِيَ شَهَادَةُ نَفْيٍ لَا تُقْبَلُ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهَا بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ مَعَ مُلَازَمَتِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا مَا ظَهَرَ أَوْ لَا، ثُمَّ حَصَلَ شَكٌّ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ السُّبْكِيّ سُئِلَ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا: إنْ مَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ غَائِبٌ فَقَالَ: إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا أَوْ حَلَفَتْ عَلَى نَفْيِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، كَذَا نَقَلَهُ الْغَزِّيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ وَهُوَ يَقْتَضِي الِاكْتِفَاءَ بِحَلِفِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَهُ الْأَمْرُ الثَّانِي إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهَا يُؤَدِّي إلَى تَضَرُّرِهَا لَاسِيَّمَا إذَا غَابَ غِيبَةً طَوِيلَةً وَلَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ، ثُمَّ مَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَحَلَّفَهَا حَكَمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّهُ الظَّاهِرُ وَأَيَّدَهُ الْغَزِّيُّ بِنَقْلٍ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَهَلْ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ قَوْلُ الْقَاضِي وَمَا الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَبَيْنَ قَوْلِ الْأَصْحَابِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِ دَعْوَاهَا وَالْحُكْمِ لَهَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا بِتَرْكِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلِّقَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَتَخَيَّلُ مِنْ النَّفْيِ، وَكَمَا فِي نَظَائِرِهِ نَحْوُ الشَّهَادَةِ بِإِعْسَارِهِ وَأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ شَهَادَتَهَا لَا تُقْبَلُ وَتُعْلِمُهُ الْبَيِّنَةُ الْمُطَّلِعَةُ عَلَى أَحْوَالِ الزَّوْجَيْنِ الْبَاطِنَةِ وَعِبَارَةُ السُّبْكِيّ فِي فَتْوَاهُ وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ وَقَدْ رَأَيْتهَا كَذَلِكَ فِي نُسَخٍ مِنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْغَزِّيِّ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ غَلَطِ النُّسَّاخِ إذْ مَدْلُولُهُ حِينَئِذٍ الِاكْتِفَاءُ بِيَمِينِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَابُدَّ مِنْ حَلِفِهَا أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُعَلِّقُ حَاضِرًا، وَإِنَّمَا يَمِينُهَا الْمَذْكُورَةُ فِي كَلَامِهِ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ وَأَمَّا تَضَرُّرُهَا الْمَذْكُورُ فَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمُسَوِّغِ الشَّرْعِيِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَمْ تَعْلَمْ مَكَانَهُ وَلَا إعْسَارَهُ وَلَا يَسَارَهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ الشَّافِعِيِّ تَمْكِينُهَا مِنْ فَسْخِ نِكَاحِهَا مَعَ تَضَرُّرِهَا بِغَيْبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْإِنْفَاقِ فَالْمُعْتَمَدُ فِيهَا قَوْلُ الْقَاضِي وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ نَظَائِرِهَا لَا مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَدَعْوَى تَأْيِيدِهِ بِكَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعَةٌ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فَتْوَى السُّبْكِيّ مُوَافَقَةٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَرَّرْته وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَحَثَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِالتَّعْلِيقِ وَالْغَيْبَةِ وَأَمَّا التَّرْكُ الْمَذْكُورُ فَحَلِفُهَا كَافٍ فِيهِ.